عدالة الصحابة رضي الله عنهم
صفحة 1 من اصل 1
عدالة الصحابة رضي الله عنهم
عدالة الصحابة رضي الله عنهم
اتخذ الطعن في السنة أشكالاً متعددة ، وطرقاً متنوعة ، فتارة عن طريق
الطعن في حجيتها ومكانتها ، وتارة عن طريق الطعن في الأسانيد والتقليل من
شأنها ، وتارة عن طريق الطعن في منهج المحدثين في النقد والجرح والتعديل ،
وتارة عن طريق الطعن في المرويات بالتشكيك فيها وادعاء التناقض والتعارض
بينها ، إلى غير ذلك من مطاعن سبق الحديث عنها في مواضيع سابقة .
ومن تلك الوسائل التي اتخذها أعداء الإسلام للطعن في السنة وإسقاط الثقة
بها ، الطعن في حَملة الأحاديث ورواة السنن من صحابة رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - ، حتى شككوا في عدالة الصحابة عموماً ، وكالوا التهم
والافتراءات لبعضهم على وجه الخصوص ، وغرضهم من ذلك تقويض صرح الإسلام ،
وزعزعة الثقة بأصوله ، فإن الصحابة رضي الله عنهم هم الذين أبلغونا هذا
الدين ، وإذا زالت الثقة عنهم أصبح كل الذي بين أيدينا مشكوكاً فيه ، ورحم
الله الإمام أبا زرعة الرازي حين قال : " إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من
أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاعلم أنه زنديق ، وذلك أن الرسول
- صلى الله عليه وسلم - عندنا حق ، والقرآن حق ، وإنما أدى إلينا هذا
القرآن والسنن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وإنما يريدون أن
يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة ، والجرح بهم أولى ، , وهم الزنادقة
" أهـ .
فقد نسب المستشرقون الوضع في الأحاديث إلى رجال الإسلام القدامى ، ويعنون
بذلك جيل الصحابة ، يقول المستشرق اليهودي " جولد زيهر " : " ولا نستطيع
أن نعزو الأحاديث الموضوعة للأجيال المتأخرة وحدها ، بل هناك أحاديث عليها
طابع القدم ، وهذه إما قالها الرسول أو هي من عمل رجال الإسلام القدامى "
، ثم قال : " وقد اعترف أنس بن مالك الذي صاحب الرسول عن قرب عشر سنوات ،
عندما سئل عما يحدث عن النبي هل حدثه به فعلاً فقال : " ليس كل ما حدثنا
به سمعناه عن النبي ولكننا لا نكذب بعضنا " .
وطالب من تبعهم من المستغربين بعدم تمييز الصحابة عن غيرهم ، ووضعهم في ميزان النقد والجرح والتعديل كما يوضع غيرهم .
فقال " أبو رية " في كتابه " أضواء على السنة المحمدية " : إنهم - أي
العلماء - قد جعلوا جرح الرواة وتعديلهم واجباً تطبيقه على كل راوٍ مهما
كان قدره - فإنهم قد وقفوا دون عتبة الصحابة فلم يتجاوزوها ، إذ اعتبروهم
جميعاً عدولاً لا يجوز عليهم نقد ، ولا يتجه إليهم تجريح ، ومن قولهم في
ذلك : " إن بساطهم قد طوي " ، ومن العجيب أنهم يقفون هذا الموقف على حين
أن الصحابة أنفسهم قد انتقد بعضهم بعضاً " .
وقال أيضاً : " إذا كان الجمهور على أن الصحابة كلهم عدول ، ولم يقبلوا
الجرح والتعديل فيهم كما قبلوه في سائر الرواة ، واعتبروهم جميعاً معصومين
من الخطأ والسهو والنسيان ، فإن هناك كثيراً من المحققين لم يأخذوا بهذه
العدالة المطلقة ، وإنما قالوا كما قال العلامة المقبلي : إنها أغلبية لا
عامة ، وأنه يجوز عليهم ما يجوز على غيرهم من الغلط والنسيان والسهو ، بل
والهوى ، ويؤيدون رأيهم بأن الصحابة إن هم إلا بشر يقع منهم ما يقع من
غيرهم ، مما يرجع إلى الطبيعة البشرية ، وأن سيدهم الذي اصطفاه الله صلوات
الله عليه - والله أعلم حيث يجعل رسالته - قد قال : ((إنما أنا بشر أصيب
وأخطئ )) ، ويعززون حكمهم بمن كان منهم في عهده صلوات الله عليه من
المنافقين والكاذبين ، وبأن كثيراً منهم قد ارتد عن دينه بعد أن انتقل إلى
الرفيق الأعلى ، بله ما وقع من الحروب والفتن التي أهلكت الحرث والنسل ،
ولا تزال آثارها ولن تزال إلى اليوم وما بعد اليوم ، وكأن الرسول صلوات
الله عليه قد رأى بعيني بصيرته النافذة ما سيقع من أصحابه بعد انتقاله إلى
الرفيق الأعلى ، فقال في حجة الوداع : " (( لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب
بعضكم رقاب بعض )) ، وروى البخاري عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه
وسلم - قال : " إنكم تحشرون حفاة عراة ، وإن ناساً من أصحابي يؤخذ بهم ذات
الشمال فأقول : أصحابي ، أصحابي ، فيقول : إنهم لم يزالوا مرتدين على
أعقابهم منذ فارقتهم ، فأقول كما قال العبد الصالح :{وكنت عليهم شهيدا ما
دمت فيهم }(المائدة 117) .
وقال " أحمد أمين " في " فجر الإسلام " : " وأكثر هؤلاء النقاد - أي نقاد
الحديث - عدلوا الصحابة كلهم إجمالا وتفصيلاً ، فلم يتعرضوا لأحد منهم
بسوء ، ولم ينسبوا لأحد منهم كذباً ، وقليل منهم من أجرى على الصحابة ما
أجرى على غيرهم ...... إلى أن قال : وعلى كلٍّ فالذي جرى عليه العمل من
أكثر نقاد الحديث - وخاصة المتأخرين - على أنهم عدلوا كل صحابي ، ولم
يرموا أحداً منهم بكذب ، ولا وضع ، وإنما جرحوا من بعدهم " ، وقال في موضع
آخر : " ويظهر أن الصحابة أنفسهم في زمنهم كان يضع بعضهم بعضاً موضع النقد
، وينزلون بعضاً منزلة أسمى من بعض ، فقد رأيت قبل أن منهم من كان إذا روي
له حديث طلب من المحدثين برهاناً " أهـ .
وللجواب على هذه الشبهة نقول : إن تعديل الصحابة رضي الله عنهم وتنزيههم
عن الكذب والوضع ، هو مما اتفق عليه أئمة الإسلام ونقاد الحديث من أهل
السنة والجماعة ، ولا يعرف من طعن فيهم وشكك في عدالتهم إلا الشذاذ من
أصحاب الأهواء والفرق الضالة المنحرفة ممن لا يلتفت إلى أقوالهم ، ولا
يعتد بها في خلاف ولا وفاق .
كيف وقد عدلهم الله في كتابه ، وأثنى عليهم ومدحهم في غير ما آية فقال جل
وعلا : {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم
ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود
.....الآية }(الفتح 29) ، وقال سبحانه : {والسابقون الأولون من المهاجرين
والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات
تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم }( التوبة 100) ،
وقال : { لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم
الخيرات وأولئك هم المفلحون }( التوبة 88) ، إلى غير ذلك من الآيات
الكثيرة التي تزكيهم ، وتشيد بفضلهم ومآثرهم ، وصدق إيمانهم وإخلاصهم ،
وأي تزكية بعد تزكية الله الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء
؟! .
كما عدلهم رسوله - صلى الله عليه وسلم - وبين منزلتهم ، ودعا إلى حفظ حقهم
وإكرامهم ، وعدم إيذائهم بقول أو فعل ، فقال - صلى الله عليه وسلم - كما
في الصحيحين : ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) ، وقال
: ( لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما
أدرك مد أحدهم ولا نصيفه ) أخرجاه في الصحيحين ، وقال أيضاً : ( الله الله
في أصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم ، ومن أبغضهم
فببغضي أبغضهم ، ومن آذاهم فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى
الله يوشك أن يأخذه ) ، رواه الترمذي .
وأجمع المسلمون من أهل السنة والجماعة على عدالتهم وفضلهم وشرفهم ، وإليك
طرفاً من أقوال أئمة الإسلام وجهابذة النقاد فيهم ، قال ابن عبد البر رحمه
الله كما في الاستيعاب : " قد كفينا البحث عن أحوالهم لإجماع أهل الحق من
المسلمين وهم أهل السنة والجماعة على أنهم كلهم عدول " .
وقال ابن الصلاح في مقدمته : " ثم إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة
، ومن لابس الفتنة منهم فكذلك ، بإجماع العلماء الذين يعتد بهم في الإجماع
، إحساناً للظن بهم ، ونظراً إلى ما تمهد لهم من المآثر ، وكأن الله
سبحانه وتعالى أتاح الإجماع على ذلك لكونهم نقلة الشريعة " أهـ .
وقال الإمام الذهبي : " فأما الصحابة رضي الله عنهم فبساطهم مطوي ، وإن
جرى ما جرى ..... ، إذ على عدالتهم وقبول ما نقلوه العمل ، وبه ندين الله
تعالى " .
وقال ابن كثير : " والصحابة كلهم عدول عند أهل السنة والجماعة " ثم قال :
" وقول المعتزلة : الصحابة كلهم عدول إلا من قاتل علياً قول باطل مردود "
، ثم قال : " وأما طوائف الروافض وجهلهم وقلة عقلهم ، ودعاويهم أن الصحابة
كفروا إلا سبعة عشر صحابياً - وسموهم- فهذا من الهذيان بلا دليل " .
على أنه - كما قال الخطيب في الكفاية - لو لم يرد من الله ورسوله فيهم شيء
مما ذكر لأوجب الحال التي كانوا عليها - من الهجرة ، وترك الأهل والمال
والولد ، والجهاد ونصرة الإسلام ، وبذل المهج وقتل الآباء والأبناء في
سبيل الله - القطع بتعديلهم واعتقاد نزاهتهم وأمانتهم ، وأنهم كانوا أفضل
من كل من جاء بعدهم .
والطعن في الصحابة رضي الله عنهم طعن في مقام النبوة والرسالة ، فإن كل
مسلم يجب أن يعتقد بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- أدى الأمانة وبلغ
الرسالة ، وقام بما أمره الله به ، ومن ذلك أنه بلغ أصحابه العلم وزكاهم
ورباهم على عينه ، قال عز وجل: {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو
عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال
مبين } (الجمعة:2) ، والحكم بعدالتهم من الدين ، ومن الشهادة بأن - الرسول
صلى الله عليه وسلم - قام بما أمره الله به ، والطعن فيهم يعني الطعن
بإمامهم ومربيهم ومعلمهم صلى الله عليه وسلم ، كما أن الطعن فيهم مدخل
للطعن في القرآن الكريم ، فأين التواتر في تبليغه ؟ وكيف نقطع بذلك إذا
كانت عدالة حملته ونقلته مشكوكاً فيها ؟!.
وأما الزعم بأن أكثر النقاد عدَّلوا الصحابة مغالطة وتلبيس ، لأن النقاد
كلهم قالوا بتعديل الصحابة وليس أكثرهم ، والذين تكلموا في الصحابة ليسوا
من نقاد الحديث ، بل من أصحاب الميول المعروفة في التاريخ الإسلامي
بالتعصب والهوى والابتداع في الدين ، لتمرير بدعهم وترويج انحرافهم ، حيث
لم يجدوا لذلك سبيلاً إلا بالطعن في صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- .
صحيح أن الصحابة رضي الله عنه كانوا بشراً ، وليسوا بالمعصومين ، لكنهم
كانوا في القمة ديناً وخلقاً ، وصدقاً وأمانة ، والذين قالوا : إن الصحابة
عدول ، لم يقولوا قط إنهم معصومون من المعاصي ، ولا من الخطأ والسهو
والنسيان ، وإنما أثبتوا لهم حالة من الاستقامة في الدين تمنعهم من تعمد
الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
حتى الذين أقيم عليهم حدُُّ أو قارفوا ذنباً وتابوا منه ، لا يمكن أن
يتعمدوا الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهؤلاء قلة نادرة
لا ينبغي أن يغلب شأنهم وحالهم على حال الألوف المؤلفة من الصحابة ، الذين
جانبوا المآثم والمعاصي لا سيما الكبائر منها .
وأما الذين لابسوا الفتن فكانوا مجتهدين يعتقد كل منهم أن الحق معه ،
وعليه أن يدافع عنه ، والمجتهد مأجور على اجتهاده أخطأ أم أصاب ، ومع ذلك
فهم قليل جداً بالنسبة لأكثر الصحابة الذين اعتزلوا هذه الفتن ، كما قال
محمد بن سيرين : " هاجت الفتن وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
عشرة آلاف فما خف لها منهم مائة ، بل لم يبلغوا ثلاثين " .
ولا يلتفت إلى استشهاد أبي رية بكلام " المقبلي " لأن " المقبلي " نشأ في
بيئة اعتزالية المعتقد ، هادوية الفقه ، شيعية تشيعاً مختلفاً ، يغلظ فيه
أناس ويخف آخرون ، فجاء حكمه متأثراً بتلك الأجواء التي عاشها ، والبيئة
التي تربى فيها ، وقد بين ذلك العلامة المعلمي رحمه الله في الأنوار
الكاشفة .
ونحن حينما نصف صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما هم له أهل ،
فإنما نريد صحابته المخلصين الذين أخلصوا دينهم ، وثبتوا على إيمانهم ،
ولم يغمطوا بكذب أو نفاق ، فالمنافقون الذين كشف الله سترهم ، ووقف
المسلمون على حقيقة أمرهم ، والمرتدون الذين ارتدوا في حياة النبي - صلى
الله عليه وسلم - أو بعده ، ولم يتوبوا أو يرجعوا إلى الإسلام ، وماتوا
على ردتهم ، هؤلاء وأولئك لا يدخلون في هذا الوصف إطلاقاً ، ولا تنطبق
عليهم هذه الشروط أبداً ، وهم بمعزل عن شرف الصحبة ، وبالتالي هم بمعزل عن
أن يكونوا من المرادين بقول العلماء والأئمة : " إنهم عدول " ، وفي تعريف
العلماء للصحابي ما يبين ذلك بجلاء ، حيث عرفوه بأنه من لقي - النبي صلى
الله عليه وسلم - مؤمناً به ومات على ذلك .
وأما الزعم بأن الصحابة - أنفسهم في زمنهم - كان يضع بعضهم بعضاً موضع
النقد ، وينزلون بعضاً منزلة أسمى من بعض ، وهو يعني بعض المراجعات التي
كانت تدور بينهم حول بعض الأحاديث ، فلم يكن ذلك عن تكذيب منهم للآخر كما
جاء عن أنس رضي الله عنه : " لم يكن يكذب بعضنا بعضاً " ، بل كانت الثقة
متوفرة بينهم ، ولكنهم بشر لم يخرجوا عن بشريتهم ، فلا يمنع أن يراجع
بعضهم بعضاً في بعض الأمور والأحكام ، إما للتثبت والتأكد ، لأن الإنسان
قد ينسى أو يسهو أو يغلط عن غير قصد ، ومن ذلك ما ثبت من مراجعة الخليفتين
أبي بكر و عمر رضي الله عنهما لبعض الصحابة في بعض مروياتهم ، وطلبهم
شاهداً ثانياً ، فلم يكن ذلك منهم عن تهمة ولا تجريح ، وإنما هو لزيادة
اليقين والتثبت في الرواية ، وليقتدي بهم في ذلك من بعدهم ، وليس أدل على
ذلك من قول عمر رضي الله عنه ، لأبي موسى الأشعري - وقد طلب منه أن يأتي
بمن يشهد معه على سماعه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أما إني
لم أتهمك ولكنه الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وقد تكون هذه المراجعة لأنه ثبت عند الصحابي ما يخالف الحديث ، أو ما
يخصصه أو يقيده ، أو لأنه رأى مخالفته لظاهر القرآن ، أو لظاهر ما حفظه من
سنة إلى غير ذلك ، وما دار بينهم من مراجعات مدون ومحصور في كتب الحديث ،
ومشفوع بأجوبته ، وهم فيها بين مصيب له أجران ، ومخطئ له أجر واحد .
فليس من الإنصاف إذاً ، أن تُجعل هذه المراجعات دليلاً على اتهام الصحابة بعضهم لبعض ، وتكذيب بعضهم لبعض كما يزعم المرجفون .
إذاً فتعديل الصحابة رضي الله عنهم أمر متفق عليه بين المسلمين ، ولا يطعن
فيهم إلا من غُمص في دينه وعقيدته ، ورضي بأن يسلم عقله وفكره لأعدائه ،
معرضاً عن كلام الله وكلام رسوله وإجماع أئمة الإسلام .
اتخذ الطعن في السنة أشكالاً متعددة ، وطرقاً متنوعة ، فتارة عن طريق
الطعن في حجيتها ومكانتها ، وتارة عن طريق الطعن في الأسانيد والتقليل من
شأنها ، وتارة عن طريق الطعن في منهج المحدثين في النقد والجرح والتعديل ،
وتارة عن طريق الطعن في المرويات بالتشكيك فيها وادعاء التناقض والتعارض
بينها ، إلى غير ذلك من مطاعن سبق الحديث عنها في مواضيع سابقة .
ومن تلك الوسائل التي اتخذها أعداء الإسلام للطعن في السنة وإسقاط الثقة
بها ، الطعن في حَملة الأحاديث ورواة السنن من صحابة رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - ، حتى شككوا في عدالة الصحابة عموماً ، وكالوا التهم
والافتراءات لبعضهم على وجه الخصوص ، وغرضهم من ذلك تقويض صرح الإسلام ،
وزعزعة الثقة بأصوله ، فإن الصحابة رضي الله عنهم هم الذين أبلغونا هذا
الدين ، وإذا زالت الثقة عنهم أصبح كل الذي بين أيدينا مشكوكاً فيه ، ورحم
الله الإمام أبا زرعة الرازي حين قال : " إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من
أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاعلم أنه زنديق ، وذلك أن الرسول
- صلى الله عليه وسلم - عندنا حق ، والقرآن حق ، وإنما أدى إلينا هذا
القرآن والسنن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وإنما يريدون أن
يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة ، والجرح بهم أولى ، , وهم الزنادقة
" أهـ .
فقد نسب المستشرقون الوضع في الأحاديث إلى رجال الإسلام القدامى ، ويعنون
بذلك جيل الصحابة ، يقول المستشرق اليهودي " جولد زيهر " : " ولا نستطيع
أن نعزو الأحاديث الموضوعة للأجيال المتأخرة وحدها ، بل هناك أحاديث عليها
طابع القدم ، وهذه إما قالها الرسول أو هي من عمل رجال الإسلام القدامى "
، ثم قال : " وقد اعترف أنس بن مالك الذي صاحب الرسول عن قرب عشر سنوات ،
عندما سئل عما يحدث عن النبي هل حدثه به فعلاً فقال : " ليس كل ما حدثنا
به سمعناه عن النبي ولكننا لا نكذب بعضنا " .
وطالب من تبعهم من المستغربين بعدم تمييز الصحابة عن غيرهم ، ووضعهم في ميزان النقد والجرح والتعديل كما يوضع غيرهم .
فقال " أبو رية " في كتابه " أضواء على السنة المحمدية " : إنهم - أي
العلماء - قد جعلوا جرح الرواة وتعديلهم واجباً تطبيقه على كل راوٍ مهما
كان قدره - فإنهم قد وقفوا دون عتبة الصحابة فلم يتجاوزوها ، إذ اعتبروهم
جميعاً عدولاً لا يجوز عليهم نقد ، ولا يتجه إليهم تجريح ، ومن قولهم في
ذلك : " إن بساطهم قد طوي " ، ومن العجيب أنهم يقفون هذا الموقف على حين
أن الصحابة أنفسهم قد انتقد بعضهم بعضاً " .
وقال أيضاً : " إذا كان الجمهور على أن الصحابة كلهم عدول ، ولم يقبلوا
الجرح والتعديل فيهم كما قبلوه في سائر الرواة ، واعتبروهم جميعاً معصومين
من الخطأ والسهو والنسيان ، فإن هناك كثيراً من المحققين لم يأخذوا بهذه
العدالة المطلقة ، وإنما قالوا كما قال العلامة المقبلي : إنها أغلبية لا
عامة ، وأنه يجوز عليهم ما يجوز على غيرهم من الغلط والنسيان والسهو ، بل
والهوى ، ويؤيدون رأيهم بأن الصحابة إن هم إلا بشر يقع منهم ما يقع من
غيرهم ، مما يرجع إلى الطبيعة البشرية ، وأن سيدهم الذي اصطفاه الله صلوات
الله عليه - والله أعلم حيث يجعل رسالته - قد قال : ((إنما أنا بشر أصيب
وأخطئ )) ، ويعززون حكمهم بمن كان منهم في عهده صلوات الله عليه من
المنافقين والكاذبين ، وبأن كثيراً منهم قد ارتد عن دينه بعد أن انتقل إلى
الرفيق الأعلى ، بله ما وقع من الحروب والفتن التي أهلكت الحرث والنسل ،
ولا تزال آثارها ولن تزال إلى اليوم وما بعد اليوم ، وكأن الرسول صلوات
الله عليه قد رأى بعيني بصيرته النافذة ما سيقع من أصحابه بعد انتقاله إلى
الرفيق الأعلى ، فقال في حجة الوداع : " (( لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب
بعضكم رقاب بعض )) ، وروى البخاري عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه
وسلم - قال : " إنكم تحشرون حفاة عراة ، وإن ناساً من أصحابي يؤخذ بهم ذات
الشمال فأقول : أصحابي ، أصحابي ، فيقول : إنهم لم يزالوا مرتدين على
أعقابهم منذ فارقتهم ، فأقول كما قال العبد الصالح :{وكنت عليهم شهيدا ما
دمت فيهم }(المائدة 117) .
وقال " أحمد أمين " في " فجر الإسلام " : " وأكثر هؤلاء النقاد - أي نقاد
الحديث - عدلوا الصحابة كلهم إجمالا وتفصيلاً ، فلم يتعرضوا لأحد منهم
بسوء ، ولم ينسبوا لأحد منهم كذباً ، وقليل منهم من أجرى على الصحابة ما
أجرى على غيرهم ...... إلى أن قال : وعلى كلٍّ فالذي جرى عليه العمل من
أكثر نقاد الحديث - وخاصة المتأخرين - على أنهم عدلوا كل صحابي ، ولم
يرموا أحداً منهم بكذب ، ولا وضع ، وإنما جرحوا من بعدهم " ، وقال في موضع
آخر : " ويظهر أن الصحابة أنفسهم في زمنهم كان يضع بعضهم بعضاً موضع النقد
، وينزلون بعضاً منزلة أسمى من بعض ، فقد رأيت قبل أن منهم من كان إذا روي
له حديث طلب من المحدثين برهاناً " أهـ .
وللجواب على هذه الشبهة نقول : إن تعديل الصحابة رضي الله عنهم وتنزيههم
عن الكذب والوضع ، هو مما اتفق عليه أئمة الإسلام ونقاد الحديث من أهل
السنة والجماعة ، ولا يعرف من طعن فيهم وشكك في عدالتهم إلا الشذاذ من
أصحاب الأهواء والفرق الضالة المنحرفة ممن لا يلتفت إلى أقوالهم ، ولا
يعتد بها في خلاف ولا وفاق .
كيف وقد عدلهم الله في كتابه ، وأثنى عليهم ومدحهم في غير ما آية فقال جل
وعلا : {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم
ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود
.....الآية }(الفتح 29) ، وقال سبحانه : {والسابقون الأولون من المهاجرين
والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات
تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم }( التوبة 100) ،
وقال : { لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم
الخيرات وأولئك هم المفلحون }( التوبة 88) ، إلى غير ذلك من الآيات
الكثيرة التي تزكيهم ، وتشيد بفضلهم ومآثرهم ، وصدق إيمانهم وإخلاصهم ،
وأي تزكية بعد تزكية الله الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء
؟! .
كما عدلهم رسوله - صلى الله عليه وسلم - وبين منزلتهم ، ودعا إلى حفظ حقهم
وإكرامهم ، وعدم إيذائهم بقول أو فعل ، فقال - صلى الله عليه وسلم - كما
في الصحيحين : ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) ، وقال
: ( لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما
أدرك مد أحدهم ولا نصيفه ) أخرجاه في الصحيحين ، وقال أيضاً : ( الله الله
في أصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم ، ومن أبغضهم
فببغضي أبغضهم ، ومن آذاهم فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى
الله يوشك أن يأخذه ) ، رواه الترمذي .
وأجمع المسلمون من أهل السنة والجماعة على عدالتهم وفضلهم وشرفهم ، وإليك
طرفاً من أقوال أئمة الإسلام وجهابذة النقاد فيهم ، قال ابن عبد البر رحمه
الله كما في الاستيعاب : " قد كفينا البحث عن أحوالهم لإجماع أهل الحق من
المسلمين وهم أهل السنة والجماعة على أنهم كلهم عدول " .
وقال ابن الصلاح في مقدمته : " ثم إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة
، ومن لابس الفتنة منهم فكذلك ، بإجماع العلماء الذين يعتد بهم في الإجماع
، إحساناً للظن بهم ، ونظراً إلى ما تمهد لهم من المآثر ، وكأن الله
سبحانه وتعالى أتاح الإجماع على ذلك لكونهم نقلة الشريعة " أهـ .
وقال الإمام الذهبي : " فأما الصحابة رضي الله عنهم فبساطهم مطوي ، وإن
جرى ما جرى ..... ، إذ على عدالتهم وقبول ما نقلوه العمل ، وبه ندين الله
تعالى " .
وقال ابن كثير : " والصحابة كلهم عدول عند أهل السنة والجماعة " ثم قال :
" وقول المعتزلة : الصحابة كلهم عدول إلا من قاتل علياً قول باطل مردود "
، ثم قال : " وأما طوائف الروافض وجهلهم وقلة عقلهم ، ودعاويهم أن الصحابة
كفروا إلا سبعة عشر صحابياً - وسموهم- فهذا من الهذيان بلا دليل " .
على أنه - كما قال الخطيب في الكفاية - لو لم يرد من الله ورسوله فيهم شيء
مما ذكر لأوجب الحال التي كانوا عليها - من الهجرة ، وترك الأهل والمال
والولد ، والجهاد ونصرة الإسلام ، وبذل المهج وقتل الآباء والأبناء في
سبيل الله - القطع بتعديلهم واعتقاد نزاهتهم وأمانتهم ، وأنهم كانوا أفضل
من كل من جاء بعدهم .
والطعن في الصحابة رضي الله عنهم طعن في مقام النبوة والرسالة ، فإن كل
مسلم يجب أن يعتقد بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- أدى الأمانة وبلغ
الرسالة ، وقام بما أمره الله به ، ومن ذلك أنه بلغ أصحابه العلم وزكاهم
ورباهم على عينه ، قال عز وجل: {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو
عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال
مبين } (الجمعة:2) ، والحكم بعدالتهم من الدين ، ومن الشهادة بأن - الرسول
صلى الله عليه وسلم - قام بما أمره الله به ، والطعن فيهم يعني الطعن
بإمامهم ومربيهم ومعلمهم صلى الله عليه وسلم ، كما أن الطعن فيهم مدخل
للطعن في القرآن الكريم ، فأين التواتر في تبليغه ؟ وكيف نقطع بذلك إذا
كانت عدالة حملته ونقلته مشكوكاً فيها ؟!.
وأما الزعم بأن أكثر النقاد عدَّلوا الصحابة مغالطة وتلبيس ، لأن النقاد
كلهم قالوا بتعديل الصحابة وليس أكثرهم ، والذين تكلموا في الصحابة ليسوا
من نقاد الحديث ، بل من أصحاب الميول المعروفة في التاريخ الإسلامي
بالتعصب والهوى والابتداع في الدين ، لتمرير بدعهم وترويج انحرافهم ، حيث
لم يجدوا لذلك سبيلاً إلا بالطعن في صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- .
صحيح أن الصحابة رضي الله عنه كانوا بشراً ، وليسوا بالمعصومين ، لكنهم
كانوا في القمة ديناً وخلقاً ، وصدقاً وأمانة ، والذين قالوا : إن الصحابة
عدول ، لم يقولوا قط إنهم معصومون من المعاصي ، ولا من الخطأ والسهو
والنسيان ، وإنما أثبتوا لهم حالة من الاستقامة في الدين تمنعهم من تعمد
الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
حتى الذين أقيم عليهم حدُُّ أو قارفوا ذنباً وتابوا منه ، لا يمكن أن
يتعمدوا الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهؤلاء قلة نادرة
لا ينبغي أن يغلب شأنهم وحالهم على حال الألوف المؤلفة من الصحابة ، الذين
جانبوا المآثم والمعاصي لا سيما الكبائر منها .
وأما الذين لابسوا الفتن فكانوا مجتهدين يعتقد كل منهم أن الحق معه ،
وعليه أن يدافع عنه ، والمجتهد مأجور على اجتهاده أخطأ أم أصاب ، ومع ذلك
فهم قليل جداً بالنسبة لأكثر الصحابة الذين اعتزلوا هذه الفتن ، كما قال
محمد بن سيرين : " هاجت الفتن وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
عشرة آلاف فما خف لها منهم مائة ، بل لم يبلغوا ثلاثين " .
ولا يلتفت إلى استشهاد أبي رية بكلام " المقبلي " لأن " المقبلي " نشأ في
بيئة اعتزالية المعتقد ، هادوية الفقه ، شيعية تشيعاً مختلفاً ، يغلظ فيه
أناس ويخف آخرون ، فجاء حكمه متأثراً بتلك الأجواء التي عاشها ، والبيئة
التي تربى فيها ، وقد بين ذلك العلامة المعلمي رحمه الله في الأنوار
الكاشفة .
ونحن حينما نصف صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما هم له أهل ،
فإنما نريد صحابته المخلصين الذين أخلصوا دينهم ، وثبتوا على إيمانهم ،
ولم يغمطوا بكذب أو نفاق ، فالمنافقون الذين كشف الله سترهم ، ووقف
المسلمون على حقيقة أمرهم ، والمرتدون الذين ارتدوا في حياة النبي - صلى
الله عليه وسلم - أو بعده ، ولم يتوبوا أو يرجعوا إلى الإسلام ، وماتوا
على ردتهم ، هؤلاء وأولئك لا يدخلون في هذا الوصف إطلاقاً ، ولا تنطبق
عليهم هذه الشروط أبداً ، وهم بمعزل عن شرف الصحبة ، وبالتالي هم بمعزل عن
أن يكونوا من المرادين بقول العلماء والأئمة : " إنهم عدول " ، وفي تعريف
العلماء للصحابي ما يبين ذلك بجلاء ، حيث عرفوه بأنه من لقي - النبي صلى
الله عليه وسلم - مؤمناً به ومات على ذلك .
وأما الزعم بأن الصحابة - أنفسهم في زمنهم - كان يضع بعضهم بعضاً موضع
النقد ، وينزلون بعضاً منزلة أسمى من بعض ، وهو يعني بعض المراجعات التي
كانت تدور بينهم حول بعض الأحاديث ، فلم يكن ذلك عن تكذيب منهم للآخر كما
جاء عن أنس رضي الله عنه : " لم يكن يكذب بعضنا بعضاً " ، بل كانت الثقة
متوفرة بينهم ، ولكنهم بشر لم يخرجوا عن بشريتهم ، فلا يمنع أن يراجع
بعضهم بعضاً في بعض الأمور والأحكام ، إما للتثبت والتأكد ، لأن الإنسان
قد ينسى أو يسهو أو يغلط عن غير قصد ، ومن ذلك ما ثبت من مراجعة الخليفتين
أبي بكر و عمر رضي الله عنهما لبعض الصحابة في بعض مروياتهم ، وطلبهم
شاهداً ثانياً ، فلم يكن ذلك منهم عن تهمة ولا تجريح ، وإنما هو لزيادة
اليقين والتثبت في الرواية ، وليقتدي بهم في ذلك من بعدهم ، وليس أدل على
ذلك من قول عمر رضي الله عنه ، لأبي موسى الأشعري - وقد طلب منه أن يأتي
بمن يشهد معه على سماعه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أما إني
لم أتهمك ولكنه الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وقد تكون هذه المراجعة لأنه ثبت عند الصحابي ما يخالف الحديث ، أو ما
يخصصه أو يقيده ، أو لأنه رأى مخالفته لظاهر القرآن ، أو لظاهر ما حفظه من
سنة إلى غير ذلك ، وما دار بينهم من مراجعات مدون ومحصور في كتب الحديث ،
ومشفوع بأجوبته ، وهم فيها بين مصيب له أجران ، ومخطئ له أجر واحد .
فليس من الإنصاف إذاً ، أن تُجعل هذه المراجعات دليلاً على اتهام الصحابة بعضهم لبعض ، وتكذيب بعضهم لبعض كما يزعم المرجفون .
إذاً فتعديل الصحابة رضي الله عنهم أمر متفق عليه بين المسلمين ، ولا يطعن
فيهم إلا من غُمص في دينه وعقيدته ، ورضي بأن يسلم عقله وفكره لأعدائه ،
معرضاً عن كلام الله وكلام رسوله وإجماع أئمة الإسلام .
مواضيع مماثلة
» فضل الصحابة رضوان الله عليهم
» عاهدت الله ألا أكلمه
» محمد : صلى الله عليه وسلم
» فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء
» أسلمت فأنجبت وشفاها الله من السرطان
» عاهدت الله ألا أكلمه
» محمد : صلى الله عليه وسلم
» فضل شهر الله المحرّم وصيام عاشوراء
» أسلمت فأنجبت وشفاها الله من السرطان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى