فتح القسطنطينية بين أمير وفقيه
صفحة 1 من اصل 1
فتح القسطنطينية بين أمير وفقيه
فتح القسطنطينية بين أمير وفقيه
بسم الله الرحمن الرحيم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
في
عام 1453 م تحقق للأتراك العثمانيين المسلمين نصر خلده التاريخ و بات
حقيقة مؤكدة بعد أن كان حلماً يداعب عقول كل المسلمين و يلمس شغاف قلوبهم
الملتاعة إلي نشر كلمة التوحيد, و ليس الأمر مجرد سردٍ لأحداث تلك المعركة
التي حققها ذلك السلطان الشاب محمد الفاتح الذي لم يكن عمره حين قاد تلك
المعركة قد تجاوز الثلاثة و العشرين, بل إن قصة ذلك الشاب تقترب إلي
الخيال, هذا إذا عرفنا أن شاباً مثله لم يكن ككل الشباب من أبناء جيله,
فلقد كان بحق شاباً جديراً بالتقدير, فالتاريخ العثماني يذكر أن السلطان
محمد الفاتح اعتلى عرش السلطنة العثمانية مرتين, أما المرة الأولى, فقد
كانت إضطرارية بناءً على أمر سلطاني أصدره والده السلطان مراد الثاني الذي
قرر اعتزال الحكم و التفرغ للعبادة و الذي أدى بدوره إلى قيام أوروبا بحشد
الجيوش للانقضاض على ملك الأمير الصغير محمد الفاتح, مما أدى إلى تحرك
رجالات الدولة العثمانية بالتوسل إلى السلطان مراد للعودة إلى سدة الحكم و
كان للشاب محمد الفاتح موقف مشهود تمثل في رسالة تحمل في طياتها كل معاني
الأدب و الدهاء السياسي المبكر لهذا الشاب و قد جاءت كلمات الرسالة على
النحو التالي: "إلى السلطان مراد خاان إذا كنت تعتبرني أخاطبك بمثابة
الابن لأبيه, فإنني استعطفك و أتوسل إليك أن تعود, و إذا كنت تعتبرني
سلطاناً للبلاد, فإنني آمرك أن تعود" و لقد أدت هذه الكلمات إلى تحرك
السلطان مراد الثاني و عودته إلى الحكم مرة أخرى و صد الهجوم الصليبي ودحر
الجيش الأوروبي, أما المرة الثانية التي تولى فيها الحكم فقد جاءت بعد
وفاة أبيه عام 1451م, و كان محمد الفاتح يمتلك من الصفات العلمية و
الدينية و العسكرية ما يؤهله لفتح القسطنطينية, أما ما اتصف به من علم فقد
تمثل في إجادة العديد من اللغات حيث ذكر بعض المؤرخين أنه كان يجيد ثماني
لغات إلى جانب إلمامه بجل علوم عصره كالفلسفة و الفلك و الأدب حتي إنه كان
شاعراً مجيداً, كما كان فارساً بارعاً سيرة كل الأمراء العثمانيين
المعنيين بالسلطنة, أما الصفات الدينية فقد تمثلت في حفظه للقرآن الكريم
منذ نعومة أظافره, و حفظه لكثير من الأحاديث النبوية الشريفة
كان
الشيخ " آق شمس الدين " معلماً و مؤدباً للسلطان محمد الفاتح و هو الذي
قام بتعليمه العلوم الدينية و هو الذي هذبه فقهياً, كما أن التاريخ
العثماني يسجل أن السلطان مراد الثاني أمد هذا الشيخ بعصا يستخدمها ليقيم
بها شأن ابنه الأمير محمد إذا اعوج, و بالفعل استطاع هذا الشيخ الذي كان
علامة بارزة في عصره أن يقيم للسلطان محمد الفاتح شأناً عظيماً, حيث أشار
عليه بالتحرك صوب القسطنطينية, و كان التحرك كله بناءً على توجيهات هذا
الحبر الذي كان على دراية تامة بما ورد في مسند الإمام أحمد بن حنبلفي
الحديث رقم18189
و
الذي جاء نصه على النحو التالي "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ حَدّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ،
قَالَ حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَعَافِرِيُّ، قَالَ
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بِشْرٍ الْخَثْعَمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ،
أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ
لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا
وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ" صدق رسول الله صلى الله عليه و
سلم.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
لم
يكن السلطان الشاب متواكلاً على بشرى شيخه, فيجنح إلى الزج بالجيش
العثماني المسلم إلى هوة سحيقة تقبر أبناءه تحت أسوار مدينة من أكبر معاقل
الحشود الأوروبية في ذلك الوقت, بل إنه عمد إلى فني مدافع مجري يدعى
أوربان و أوكل إليه مهمة صناعة صرح مدفعي غير مسبوق و بالفعل استطاع
أوربان أن يشيد أضخم مدفع تجره المئات من الثيران في تاريخ العالم الحربي
في ذلك الوقت, كما أن السلطان أعد خطة حربية جديرة بالدراسات الحديثة
استطاع من خلالها أن يدك أسوار القسطنطينية.
أما
عن الشيخ آق شمس الدين فقد أقيمت له خيمة على مرمي البصر من المعركة في
مكان هادئ يستطيع من خلاله أن يرفع أكف الضراعة إلى المولى عز وجل و أن
يطلب منه فتح هذه المدينة التي استعصت على جيوش المسلمين منذ أزمان بعيدة.
لعل
ما حدث لا يمكن أن يصدقه عقل, لكنه حدث و كأنه المعجزة, فأثناء تعرض
السلطان محمد الفاتح لجرح سطحي في المعركة نتيجة اقترابه من أسوار
القسطنطينية, أمر وزيره أحمد باشا بالتوجه نحو خيمة الشيخ الذي أمر حراسها
بألا يسمحوا لأحد - و لو كان السلطان نفسه - أن يفسد عليه خلوته, و أمره
أن يسترشده و يطلب منه الدعاء, و أن يعلل لهم سبب تأخر الفتح العظيم الذي
بشر به النبي صلى الله عليه و سلم, لكن الوزير لم يسمح له بالدخول لا لأنه
وزير و لكن لأنه يريد قطع خلوة عالم هذه الأمة مع المولى عز و جل.
و
يروي الوزير هذه القصة في أروع شكل سردي يمكن أن يوصف, و لكن من خلال
كلمات مقتضبة, حيث يقول "و لما لم يؤذن لي بالدخول على الشيخ نظرت من
أطناب الخيمة "مكان مفتوح أعلى الخيمة" فوجدت الشيخ عاري الرأس يبكي حتى
لقد حذلت عيناه و احمرت مآقيه من شدة البكاء, و التضرع, يقول و ما هي إلى
لحظات أرقبه فيها حتى سمعته يقول " الحمد لله الذي فتح علينا المدينة" و
ما كدت أصدق ما قال حتى نظرت صوب أسوار المدينة و قد وجدت جانباً منها قد
انهار و جنودنا يقتحمونها اقتحام المنتصر.
لعل
هذه القصة تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن القائد العظيم لابد له من معلم
روحي و مستشار إسلامي ورع يمده بالثبات إذا اهتز لحظة, و يقومه إذا حاد
رأيه عن النهج الإلهي الصحيح, و لعل كلمات السلطان محمد الفاتح التي قالها
عقب ذلك النصر العظيم تثبت كيف كان العثمانيون أهل تدين و أصحاب عقيدة
تدحض كل من أتهمهم باتهامات باطلة, توحي ببعدهم عن العدل و المساواة في
غمرة هذا العصر الذهبي.
لقد قال السلطان الشاب " إن فرحي بهذا الفتح العظيم لا يساوي فرحي بوجود مثل هذا الشيخ الورع في عصري.
بسم الله الرحمن الرحيم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
في
عام 1453 م تحقق للأتراك العثمانيين المسلمين نصر خلده التاريخ و بات
حقيقة مؤكدة بعد أن كان حلماً يداعب عقول كل المسلمين و يلمس شغاف قلوبهم
الملتاعة إلي نشر كلمة التوحيد, و ليس الأمر مجرد سردٍ لأحداث تلك المعركة
التي حققها ذلك السلطان الشاب محمد الفاتح الذي لم يكن عمره حين قاد تلك
المعركة قد تجاوز الثلاثة و العشرين, بل إن قصة ذلك الشاب تقترب إلي
الخيال, هذا إذا عرفنا أن شاباً مثله لم يكن ككل الشباب من أبناء جيله,
فلقد كان بحق شاباً جديراً بالتقدير, فالتاريخ العثماني يذكر أن السلطان
محمد الفاتح اعتلى عرش السلطنة العثمانية مرتين, أما المرة الأولى, فقد
كانت إضطرارية بناءً على أمر سلطاني أصدره والده السلطان مراد الثاني الذي
قرر اعتزال الحكم و التفرغ للعبادة و الذي أدى بدوره إلى قيام أوروبا بحشد
الجيوش للانقضاض على ملك الأمير الصغير محمد الفاتح, مما أدى إلى تحرك
رجالات الدولة العثمانية بالتوسل إلى السلطان مراد للعودة إلى سدة الحكم و
كان للشاب محمد الفاتح موقف مشهود تمثل في رسالة تحمل في طياتها كل معاني
الأدب و الدهاء السياسي المبكر لهذا الشاب و قد جاءت كلمات الرسالة على
النحو التالي: "إلى السلطان مراد خاان إذا كنت تعتبرني أخاطبك بمثابة
الابن لأبيه, فإنني استعطفك و أتوسل إليك أن تعود, و إذا كنت تعتبرني
سلطاناً للبلاد, فإنني آمرك أن تعود" و لقد أدت هذه الكلمات إلى تحرك
السلطان مراد الثاني و عودته إلى الحكم مرة أخرى و صد الهجوم الصليبي ودحر
الجيش الأوروبي, أما المرة الثانية التي تولى فيها الحكم فقد جاءت بعد
وفاة أبيه عام 1451م, و كان محمد الفاتح يمتلك من الصفات العلمية و
الدينية و العسكرية ما يؤهله لفتح القسطنطينية, أما ما اتصف به من علم فقد
تمثل في إجادة العديد من اللغات حيث ذكر بعض المؤرخين أنه كان يجيد ثماني
لغات إلى جانب إلمامه بجل علوم عصره كالفلسفة و الفلك و الأدب حتي إنه كان
شاعراً مجيداً, كما كان فارساً بارعاً سيرة كل الأمراء العثمانيين
المعنيين بالسلطنة, أما الصفات الدينية فقد تمثلت في حفظه للقرآن الكريم
منذ نعومة أظافره, و حفظه لكثير من الأحاديث النبوية الشريفة
كان
الشيخ " آق شمس الدين " معلماً و مؤدباً للسلطان محمد الفاتح و هو الذي
قام بتعليمه العلوم الدينية و هو الذي هذبه فقهياً, كما أن التاريخ
العثماني يسجل أن السلطان مراد الثاني أمد هذا الشيخ بعصا يستخدمها ليقيم
بها شأن ابنه الأمير محمد إذا اعوج, و بالفعل استطاع هذا الشيخ الذي كان
علامة بارزة في عصره أن يقيم للسلطان محمد الفاتح شأناً عظيماً, حيث أشار
عليه بالتحرك صوب القسطنطينية, و كان التحرك كله بناءً على توجيهات هذا
الحبر الذي كان على دراية تامة بما ورد في مسند الإمام أحمد بن حنبلفي
الحديث رقم18189
و
الذي جاء نصه على النحو التالي "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ حَدّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ،
قَالَ حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَعَافِرِيُّ، قَالَ
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بِشْرٍ الْخَثْعَمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ،
أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ
لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا
وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ" صدق رسول الله صلى الله عليه و
سلم.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
لم
يكن السلطان الشاب متواكلاً على بشرى شيخه, فيجنح إلى الزج بالجيش
العثماني المسلم إلى هوة سحيقة تقبر أبناءه تحت أسوار مدينة من أكبر معاقل
الحشود الأوروبية في ذلك الوقت, بل إنه عمد إلى فني مدافع مجري يدعى
أوربان و أوكل إليه مهمة صناعة صرح مدفعي غير مسبوق و بالفعل استطاع
أوربان أن يشيد أضخم مدفع تجره المئات من الثيران في تاريخ العالم الحربي
في ذلك الوقت, كما أن السلطان أعد خطة حربية جديرة بالدراسات الحديثة
استطاع من خلالها أن يدك أسوار القسطنطينية.
أما
عن الشيخ آق شمس الدين فقد أقيمت له خيمة على مرمي البصر من المعركة في
مكان هادئ يستطيع من خلاله أن يرفع أكف الضراعة إلى المولى عز وجل و أن
يطلب منه فتح هذه المدينة التي استعصت على جيوش المسلمين منذ أزمان بعيدة.
لعل
ما حدث لا يمكن أن يصدقه عقل, لكنه حدث و كأنه المعجزة, فأثناء تعرض
السلطان محمد الفاتح لجرح سطحي في المعركة نتيجة اقترابه من أسوار
القسطنطينية, أمر وزيره أحمد باشا بالتوجه نحو خيمة الشيخ الذي أمر حراسها
بألا يسمحوا لأحد - و لو كان السلطان نفسه - أن يفسد عليه خلوته, و أمره
أن يسترشده و يطلب منه الدعاء, و أن يعلل لهم سبب تأخر الفتح العظيم الذي
بشر به النبي صلى الله عليه و سلم, لكن الوزير لم يسمح له بالدخول لا لأنه
وزير و لكن لأنه يريد قطع خلوة عالم هذه الأمة مع المولى عز و جل.
و
يروي الوزير هذه القصة في أروع شكل سردي يمكن أن يوصف, و لكن من خلال
كلمات مقتضبة, حيث يقول "و لما لم يؤذن لي بالدخول على الشيخ نظرت من
أطناب الخيمة "مكان مفتوح أعلى الخيمة" فوجدت الشيخ عاري الرأس يبكي حتى
لقد حذلت عيناه و احمرت مآقيه من شدة البكاء, و التضرع, يقول و ما هي إلى
لحظات أرقبه فيها حتى سمعته يقول " الحمد لله الذي فتح علينا المدينة" و
ما كدت أصدق ما قال حتى نظرت صوب أسوار المدينة و قد وجدت جانباً منها قد
انهار و جنودنا يقتحمونها اقتحام المنتصر.
لعل
هذه القصة تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن القائد العظيم لابد له من معلم
روحي و مستشار إسلامي ورع يمده بالثبات إذا اهتز لحظة, و يقومه إذا حاد
رأيه عن النهج الإلهي الصحيح, و لعل كلمات السلطان محمد الفاتح التي قالها
عقب ذلك النصر العظيم تثبت كيف كان العثمانيون أهل تدين و أصحاب عقيدة
تدحض كل من أتهمهم باتهامات باطلة, توحي ببعدهم عن العدل و المساواة في
غمرة هذا العصر الذهبي.
لقد قال السلطان الشاب " إن فرحي بهذا الفتح العظيم لا يساوي فرحي بوجود مثل هذا الشيخ الورع في عصري.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى